فكرة حفر قناة السويس
رسم قديم يظهر مسار القناة من جهة السويس.
عقب اكتشاف البرتغالي فاسكو دا غاما لطريق رأس الرجاء الصالح، تضرر اقتصاد وتجارة مصر المملوكية واقتصاد البندقية ونابولي وجنوة بشكل بالغ، فما كان من أمراء البندقية إلا أن وفدوا على مصر عام 1501 ليعرضوا على السلطان الغوري فكرة الاستغناء عن طرق القوافل واستبدالها بالنقل عبر النيل بحفر قناة تصل بين البحرين الأحمر والأبيض، إلا أن ظروف مصر وصراعها مع العثمانيين في ذلك الوقت والذي انتهى باحتلالهم للقاهرة سنة 1517 لم يسمح بإنشاء مشروع بهذا الحجم، ومات المشروع حتى اقترحه الفيلسوف الألماني الشهير لايبيتز على الملك لويس الرابع عشر في إطار مشروع شامل لغزو مصر، ولكن الملك لويس لم يُرِد إغضاب الباب العالي في الأستانة من ناحية، ولأن أحلامه التوسعية كانت في أوروبا.
وعندما قامت الثورة الفرنسية دخلت في صراعات مسلحة دموية مع ممالك أوروبا واستطاعت الانتصار عليها إلا مملكة واحدة وهي انجلترا وأرادت فرنسا قطع طريق المستعمرات البريطانية في الهند باحتلال مصر فقامت الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798. أعطت حكومة الديركتوار التي كانت تحكم فرنسا أمراً مباشراً لنابليون بونابرت بالقيام بحملة لحفر قناة تربط بين البحرين ولذا كانت تسمى قناة البحرين. فخرج نابليون من القاهرة ومعه مجموعة من المهندسين يرأسهم مهندس يدعي لوبير لمعاينة الموقع هندسياً عند السويس والبدء في الحفر. إلا أن لوبير أقنع نابليون بالعدول عن المشروع لأنه اكتشف أن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر الأبيض، مما سيتسبب في غرق مصر كلها،
عاد نابليون إلى القاهرة دون أن يحقق هدفه. وذلك حتى تولى المشروع مجموعة من المهندسين من خريجي مدرسة البوليتكنيك الشهيرة وكانوا مفتونين بعظمة نابليون ويطلق عليهم اسم السان سيمونيين وأتوا إلى مصر في عصر محمد علي عام 1832 وحصلوا على إذن منه بالذهاب إلى الموقع من جديد وتبين لهم أن البحرين مستويان وأن مهندس نابليون أخطأ الحساب والتقدير، إلا أن محمد علي رفض فكرة حفر القناة إلا بشرطين: أولهما أن تضمن القوى العظمى حيادية القناة، وبالتالي استقلال مصر، وثانيهما أن تمول القناة بالكامل من الخزانة المصرية، مما أظهر حنكة وبُعد نظر محمد علي باشا في مسألة القناة، إلا أن الشرطين قوبلا بالرفض.