⭕ في ذكري إقالته من منصب رئيس الجمهورية ..
👈 اللقاء الاخير على متن يخت المحروسة بين الملك فاروق و اللواء محمد نجيب ٢٦ يوليو ١٩٥٢م كما جاء على لسان نجيب ..
▪️"كان في نيتي أن أكون في وداع الملك فاروق عند مغادرته قصر رأس التين , لكن اذدحام الناس حولي عطل مروري , كما أن سائقي ضل الطريق و توجه الي ميناء خفر السواحل بدلا من أن يتجه الي الميناء الملكي . و لما عدنا الي الطريق الصحيح , كان الملك قد توجه الي المحروسة منذ اربع دقائق , أي في السادسة تماما حسب الانذار. عزف السلام الملكي , و تقدم الملك الي المحروسة ... و أختلطت اصوات المدافع بصوت بكاء الخدم و الحاشية ..
▪️و سألني علي ماهر : ماذا ستفعل الآن بعد أن وصلت متأخرا ؟ سأذهب لوداعه علي ظهر المحروسة كما وعدت، و أخذت لنشا حربيا دار بنا دورة كاملة كما تقتضي التقاليد الحربية، و حذرني زملائي من الصعود علي اليخت، اذ ربما اطلق علي أحد اتباع الملك الرصاص، فقلت قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ..
▪️و صعدت الي المحروسة , كان الملك ينتظرني، أديت له التحية العسكرية فرد عليها ..
▪️و مضت فترة سكون، سكون ثقيل كأنه جبل، فمن الصعب انسانيا أن تودع ملك كان يملك الكل و يحكم كل شئ قبل أيام قليلة، و كان من الممكن أن يعتقلني أو يقتلني، أحسست أن هزيمة فاروق كانت قاسية جدا، كان ثمنها انهيار السلطة و النفي بعيدا عن الوطن ..
▪️كانت مشاعرنا بالتأكيد في هذة اللحظة متناقضة، و مر الصمت الذي كان يسيطر علينا و يحكمنا و يربك أنفسنا و يجعل الكلمات عاجزة عن الحركة علي شفاهنا و قلت له :
- أفندم أنت تعرف انني كنت الضابط الوحيد الذي قدم استقالته في عام ١٩٤٢،" ،عندما حاصر الانجليز قصر عابدين بالدبابات و أجبروا الملك فاروق علي تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء كان نجيب يخدم في الحرس الملكي و قدم استقالته لعجزه عن حمايه الملك " ..
- قال : نعم اتذكر
- قلت : لقد كنت خجولا للمعاملة التي تلقاها الملك في ذلك الوقت
- قال : أعلم
- قلت : كنا مخلصين للعرش في عام ١٩٤٢، و لكن اشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الوقت
- قال : نعم أعرف ان اشياء كثرة تغيرت .
- قلت : أنت تعرف يا أفندم انك السبب فيما فعلناه، وجاءت اجابه فاروق محيرة جدا، و شغلتني طيلة حياتي
- قال : أنتم سبقتموني بما فعلتموه , فيما كنت أريد أن أفعله .
▪️كنت مندهشا لهذا الرد، و لم أجد شيئا اقوله، قدمت له التحية كما فعل الآخرون و سلمنا بأيدينا علي بعضنا البعض، و قال فاروق :
أرجو أن تعتني بالجيش فهو جيش أبائي و أجدادي، قلت له أعرف أن الكولونيل سليمان الفرنساوي هو الذي أسسه، و هو الآن في أيدي أمينة ..
▪️ولاحظ فاروق أن جمال سالم يحمل عصاه و هو يقف أمامه فتوقف عن الحديث و اشار اليه قائلا " أرم عصاك " ، وحاول جمال سالم أن يعترض لكنني منعته من ذلك، فالقي عصاه و وقف بصورة تنم عن اللامبالاة .
▪️وعاد الملك للحديث معي و قال : أن مهمتك صعبة جدا فليس من السهل حكم مصر ..
▪️و أنتهي الحوار في احترام ووقار، ثم وقف الملك و قال الان يجب أن أمشي، و مشي فاروق دون أن يرجع ..
▪️وعدت الي منزلي و أنا لا أفكر سوي في العبارة الاخيرة التي قالها فاروق " ليس من السهل حكم مصر" ..