بدأت المرحلة الثانية من مخطط إعادة رسم خارطة المشرق العربي، سقط نظام الأسد الذي حكم #سوريا أكثر من خمسة عقود، انسحابات دراماتيكية للجيش وداعميه بصفقات دولية في الكواليس، ستتضح معالمها في الأيام القادمة.
فر بشار الأسد بعد رفع داعميه حمايتهم، وتقدم الجولاني برعاية مُحركية، والشعب السوري بين معاناة سنوات الصراع ومستقبل مجهول..
الجولاني، خلع قناع الإرهابي وسيرتدي قناع السياسي، بدأ يتحول اسمه في البيانات من ابو محمد الجولاني، كنيته في التنظيم إلى أحمد الشرع، الأسم المدني في بطاقة هويته.
إدارة إعلامية احترافية بدات بالتحفيز على الانشقاقات عن نظام الأسد، ورسائل طمئنة من انشق أو لزم بيته فهو آمن، ثم فيديوهات إطلاق السجناء بكل مدينة يدخلونها، لخلق صورة ذهنية انهم محرري الشعب من ظلم نظام دكتاتوري.
محمد غازي الجلالي رئيس وزراء سوريا تصرف بحكمه، التزم منزله بدمشق ولم يغادره إلى أي بلد آخر، قال سوريا وطني الذي لا أعرف غيره، باقٍ في منزلي للحفاظ على مرافق الدولة، والحكومة مستعدة للتعاون مع أي سلطة يختارها الشعب لنقل كافة الملفات إليها بطريقة منظمة وسلسة، داعيًا للحفاظ على مقدرات الدولة التي هي ملك للشعب.
مستقبل البلاد مرهون الآن بمدى القدرة على إدارة مرحلة انتقالية، ومدى قدرة الفرقاء بتنوع فصائلهم ومصالحهم وارتباطهم بالقوى الدولية، على بناء سلطة بديلة.
ليست الأمور بالبساطة والسهولة التي يظنها البعص، فمشاهد الاحتفاء بسقوط الأنظمة، سبق وشاهدها الملايين على الشاشات منذ تحطيم تمثال صدام حسين، في بغداد 2003 قبل نحو 20 عامًا، وما تلاه من سقوط انظمة عربية عام 2011 وصولًا إلى نظام الأسد، فهل من هللوا للبدايات كانوا يدركون المآلات؟!
إن ما يحدث اليوم حلقة في صراع عميق لإعادة رسم خارطة القوى الدولية، بانعكاساتها على إعادة رسم خارطة المشرق العربي ومعادلات النفوذ بداخله، وامتداده بالشرق الأوسط بأكمله.
ملامح الخريطة الجديدة:
١- مساعي لتقسيم وتفتيت الدول
٢- خلق حزام حدودي أمن للكيان الصهيوني
٣- تأمين طرق التجارة الدولية «الحزام والطريق»، في مواجهة «الممر الاقتصادي الأمريكي الهندي طريق البخور»، في سوريا طرق بالغة الأهمية «الحرير التاريخيّ»، m4، m42 و m5، وهي طرق تربط مصالح تركيا وايران والعراق، والقوى العظمى التي لها قواعد الآن في سوريا.
٤- ترك نظام الأسد سوريا وبها قواعد عسكرية لخمس دول ومليشيات، قاعدتين جويه وبحرية لروسيا في الساحل السوري بطرطوس واللاذقية، وقواعد أمريكية، والاحتلال الصهيوني في الجولان، وتواجد لإيران وأذرعها في مقدمته حزب الله اللبناني، وتواجد لقوات تركية، ومليشيات مسلحة بينها تابع لتنظيمات إرهابية، فكيف يدير القادم للحكم ذلك الملف؟.
سوريا إلى أين؟.. الأسئلة الهامة؟
١- هل يستطيع القادمون بناء حكومة موحدة لإدارة شئون البلاد والحفاظ على وحدة الأراضي السورية؟ أم سيبدا صراع نفوذ الفصائل المعبر عن صراع القوى الصانعة والداعمة لكل فصيل لينتهي الأمر بتقسيم سوريا إلى دويلات متصارعة مذهبيًا وطائفيًا لتنفيذ مخطط تقسم الدول الذي بدأ السعي إليه منذ العام 2000.
2- هل يملك القادم للحكم قدرة طرد القوى الدولية متناقضة المصالح المتواجدة على الأرض وهي من صنعته؟ أم ستتوافق تلك القوى التي توافقت الآن على سقوط نظام الأسد بدون قتال؟
٣- ما هي تأثيرات أحداث سوريا على دول الجوار؟ العراق والأردن ولبنان وهل سيمتد الصراع إليها لبتر أذرع إيران, أم تقسيمها وفق مخططات الخرائط الجديدة للمنطقة، لانشاء دويلات على أسس مذهبية وعرقية.
٤- ما هي ضمانات الحيلولة دون الانتقال بالصراع من مليشيات في مواجهة نظام، إلى صراع مذهبي سني شيعي بين الأذرع الإيرانية والمليشيا المسلحة، خاصة أن فصائل شيعية عراقية دعت لفتح باب التطوع بزعم حماية العتبات المقدسة في سوريا؟
٥- ما هو مصير الجيش السوري وما خلفه من أسلحة ومعدات قتال وقواعد وفي يد من ستقع؟
الحقية أن الأيام المقبلة حبلى بصفقات دولية ومفاجات للمنطقة، ومخططات تضع خطوطها العريضة القوى المتصارعة، تحكمها متغيرات معادلات القوة ومجريات الصراع الهجين متعدد الأسلحة والأدوات.
حفظ الله سوريا وشعوبنا العربية