أخر الاخبار

هل الاعتقالات في مصر لحماية الأمن القومي

س: هل الاعتقالات السياسية في مصر والتي طالت أشخاص مثل علاء عبدالفتاح ومحمد عادل وأكسجين وهشام جنينه ويحيى حسين وزياد العليمي وشادي الغزالي وآخرين  تمثل انتهاكات فردية، استراتيجية سلطوية لتحييد المعارضة و رسالة ترهيبية للمجتمع أم انها ضرورة وحماية لأمن المجتمع المصري من الإرهاب وتنفيذ للقانون وللدستور المصري؟ 
ج: الاعتقالات السياسية في مصر، التي طالت ناشطين بارزين مثل **علاء عبد الفتاح** و**محمد عادل** (من حركة 6 أبريل) و**محمد "أكسجين" رضوان** و**هشام جنينة** وآخرين، لا تُعتبر انتهاكات فردية، بل هي جزء من استراتيجية سلطوية ممنهجة تهدف إلى تحييد المعارضة وإرسال رسائل ترهيبية للمجتمع. هذا الاستنتاج يستند إلى تحليل الحقائق والأنماط المتكررة التي توثقها تقارير حقوقية دولية ومحلية، إضافة إلى شهادات الضحايا وعائلاتهم. فيما يلي أبرز الأدلة التي تدعم هذا الرأي:

---

### 1. **الاستخدام الممنهج للقوانين لقمع المعارضة** 
تعتمد السلطات المصرية على قوانين غامضة مثل قانون مكافحة الإرهاب (2015) وقانون التظاهر (2013)، والتي تُستخدم لتجريم أي شكل من أشكال المعارضة السلمية. تُوجَّه تهم مثل "نشر أخبار كاذبة" أو "الانتماء لجماعة إرهابية" حتى ضد من ينتقدون الفساد أو يدعون للإصلاح الديمقراطي.  
- مثال: حُكم على **علاء عبد الفتاح** بالسجن 5 سنوات عام 2021 لمشاركته منشورًا على فيسبوك عن التعذيب في السجون، وهو ما وصفته منظمة العفو الدولية بـ"محاكمة جائرة" .  
- **محمد "أكسجين" رضوان** اعتُقل عام 2019 بعد نشر فيديوهات عن الاحتجاجات، وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات بتهم مشابهة .

---

### 2. **الاحتجاز التعسفي والتدوير القضائي** 
تُمارس السلطات سياسة "التدوير"، حيث يُعاد اعتقال المعتقلين فور انتهاء مدة حبسهم بقضايا جديدة، مما يحول السجون إلى ساحات احتجاز دائمة.  
- **علاء عبد الفتاح** أُعيد اعتقاله عام 2019 بعد 6 أشهر فقط من إطلاق سراحه، وظل محتجزًا لسنوات دون محاكمة .  
- وفقًا لتقرير الخارجية الأمريكية (2022)، يُحتجز آلاف المصريين تعسفًا عبر هذه الآلية، بما يفوق الحدود القانونية للحبس الاحتياطي .

---

### 3. **ظروف الاحتجاز اللاإنسانية** 
تواجه السجون المصرية انتقادات دولية بسبب انتهاكات منهجية تشمل التعذيب والحرمان من الرعاية الطبية والزيارات.  
- **علاء عبد الفتاح** تعرض للتعذيب وحُرم من أشعة الشمس لسنوات، كما مُنعت عائلته من زيارته بشكل منتظم .  
- والدة علاء، **ليلى سويف**، أُدخلت المستشفى بعد إضرابها عن الطعام لمدة 150 يومًا للمطالبة بالإفراج عنه، بينما تجاهلت السلطات نداءاتها .

---

### 4. **استهداف عائلات المعتقلين كأداة ضغط** 
لا تقتصر الانتهاكات على المعتقلين أنفسهم، بل تمتد إلى عائلاتهم عبر التضييق المادي والنفسي:  
- عائلة **محمد محيي الدين** (معتقل منذ 2019) اضطرت لبيع ممتلكاتها لتغطية النفقات، بينما عانت أطفاله من صدمات نفسية بسبب غيابه .  
- **أحمد دومة** (محكوم عليه بـ15 عامًا) حُرم من حضور زفاف إخوته، ما أدى إلى تفاقم الأمراض المزمنة لدى والدته .

---

### 5. **التلاعب بالعملية القضائية لغلق المجال العام** 
تُستخدم المحاكمات كأداة لإسكات الأصوات المعارضة، عبر إجراءات تفتقر إلى الضمانات القانونية:  
- في قضية **أحمد الطنطاوي** (المنافس المحتمل للرئيس السيسي)، رُفضت توكيلات ناخبيه تحت ذرائع قانونية وُصفت بأنها "عقاب سياسي" .  
- محامون مثل **محمد الباقر** اعتُقلوا أثناء دفاعهم عن موكليهم، كما حدث عندما دخل الباقر مكتب النيابة لتمثيل علاء عبد الفتاح فقُبض عليه .

---

### 6. **الرد الدولي وانعدام الإصلاحات** 
رغم الضغوط الدولية، تستمر مصر في إنكار الانتهاكات:  
- خلال استعراض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مصر (2024)، دافعت السلطات عن سجلها ووصفت الانتقادات بـ"غير الموضوعية"، بينما وثّقت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" تعذيبًا ممنهجًا .  
- حتى الطلبات الرسمية من حلفاء مثل بريطانيا (مطالبة رئيس الوزراء **ستارمر** بالإفراج عن علاء) لم تُجدِ نفعًا .

---

### الخلاصة: قمع ممنهج وليس "حماية من الإرهاب"
الادعاء بأن هذه الاعتقالات "ضرورية لأمن المجتمع" ينهار أمام الحقائق:  
- لا توجد أدلة على ارتباط معظم المعتقلين بأعمال عنف، بل ينحصر نشاطهم في النقد السلمي أو المطالبة بالإصلاح .  
- تقارير الأمم المتحدة تُظهر أن الاعتقالات تستهدف "أي صوت معارض"، بما في ذلك صحفيون وحقوقيون وأكاديميون .  
- النظام المصري حوَّل القانون إلى أداة قمع، بدلًا من كونه ضمانة للحريات، مما يُضعف شرعيته ويُعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية .

هكذا، فإن الاعتقالات السياسية تمثل آلية قمعية لتحييد المعارضة، وليست إجراءً لحماية المجتمع، وهو ما تؤكده الوقائع والشهادات الدولية والمحلية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -