أخر الاخبار

نبيل أبوالياسين: النظام العالمي ينهار.. أمريكا تُدمر العدالة الدولية وفوضى تُهدد الكوكب!

المدار نيوز : 
إنه وفي عالمٍ يُشاهد مذابح غزة عبر الشاشات صامتًا، تعلو صرخة "فرانشيسكا ألبانيز"، المقررة الأممية لحقوق الإنسان، وتعلو معها صرخاتنا وصرخات الجميع لتكسر جدار الصمت: ما يحدث ليس حربًا.. إنه إبادة جماعية مُمنهجة!"، بينما تتحول أمريكا إلى قوةٍ تُحارب العدالة بدلًا أن تنصرها، تتهاوى محكمة العدل الدولية تحت ضربات "الفيتو" والتهديدات، والعالم يترنح على حافة الهاوية، فهل أصبحت الفوضى هي القانون الجديد؟. 

• إدانة تاريخية: ألبانيز تصف غزة بـ"مشهد إبادة جماعي"  

في تقريرٍ صادم، وصفت "فرانشيسكا ألبانيز" العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه "نموذج كلاسيكي للإبادة الجماعية"، مشيرةً إلى إستهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وأكدت أن "الأرقام لا تكذب: 50144 شهيد، 70% منهم أطفال ونساء، وتهجير قسري لـ1.7 مليون فلسطيني"، وهذه التصريحات، الصادرة عن أعلى هيئة حقوقية دولية، تُعتبر إعلانًا رسميًا بفشل النظام الدولي في حماية الضحايا.  

• أمريكا والعدالة الدولية: من يحرك "الفيتو" في الظلام؟  

رغم إدعاءات "واشنطن" بدعم حقوق الإنسان، كشفت وثائق أممية عن إستخدامها "الفيتو" 17 مرة لحماية إسرائيل من المساءلة منذ عام 2000، وفي أبريل 2024، هددت الإدارة الأمريكية أعضاء مجلس الأمن بعقوبات إذا صوتوا لصالح وقف إطلاق النار في غزة، هذه الخطوات، وفقًا لـ "ألبانيز"، وتُحوّل العدالة إلى سلاح إنتقائي.. تُدان به الضعيف ويُبرَّأ به القوي".  

• آلة الإبادة: كيف تُنفذ إسرائيل الجريمة بأدوات أمريكية؟

الأسلحة الأمريكية تشكل 68% من العتاد الحربي الإسرائيلي، وفقًا لتقرير "هيومن رايتس ووتش"ومنذ أكتوبر 2023، تم تسليم إسرائيل 45 ألف طن من الذخيرة عبر جسور جوية أمريكية، وهذه الأسلحة، التي تُستخدم لقصف المدارس والمستشفيات، تُحوّل الدعم الأمريكي إلى "تواطؤ وشريك مباشر في الإبادة"، بحسب توصيف ألبانيز.  

• صمت العالم: لماذا تخذل الدول غزة؟

بينما ترفع دول مثل جنوب إفريقيا دعاوى قضائية ضد إسرائيل، تكتفي أوروبا بـ"إدانات لفظية"، وتتجاهل دول عربية بإستثناء "مصر وقطر"  الملف تحت ذريعة "الحفاظ على الإستقرار"، حتى الأمم المتحدة، التي أطلقت 54 قرارًا ضد إسرائيل منذ 2015، تعترف بعجزها عن التنفيذ، وهذا الصمت، تقول ألبانيز، إنه "ليس بريئًا.. إنه إدانة للبشرية جمعاء".  

•المعارضة الدولية: جبهات مُنهارة في مواجهة الهيمنة الأمريكية

رغم المحاولات الدولية لمواجهة الهيمنة الأمريكية، فإن مبادرات مثل "تحالف المحكمة الجنائية الدولية" للتحقيق في جرائم حرب مزعومة لقوات أمريكية في أفغانستان باءت بالفشل بعد ضغوط واشنطن التي فرضت عقوبات على قضاة المحكمة عام 2020، كما فشلت جهود الإتحاد الأوروبي لإحياء الإتفاق النووي الإيراني "JCPOA"بعد إنسحاب أمريكا الأحادي منه. 

بينما تحاول تحالفات مثل "مجموعة بريكس" BRICS خلق نظام مالي بديل، لكنها تتعثر بسبب إختلاف الأولويات وغياب الآليات التنفيذية الفعّالة.حتى داخل الأمم المتحدة، تظل القرارات المُعارِكة للسياسات الأمريكية حبراً على ورق أمام حق النقض "الفيتو" والتهديدات الإقتصادية، مما يُظهر محدودية تأثير المعارضة الدولية في ظل نظام أحادي القطبية.

• النظام العالمي إلى أين؟ سيناريوهات الإنهيار

تحذّر تقارير أممية من أن إنهيار العدالة الدولية سيفتح الباب أمام: تصاعد الحروب الأهلية والعنف العرقي، حيث تتحول الدول الهشة إلى ساحاتٍ للصراعات العشوائية دون رادع، إنقراض مفهوم "المساءلة" لصالح قانون الغاب، وتصبح القوة العسكرية والإقتصادية هي الفيصل في حل النزاعات، تحوُّل الأمم المتحدة إلى "هيكلٍ فارغ" تُهيمن عليه القوى العظمى، وتفقد قراراتها شرعيتها أمام إنتهاكات تُرتكب يومياً.  

إنهيار التعاون الدولي في مواجهة الأزمات المشتركة "كالتغير المناخي والأوبئة"، لتحل محله سياسات "كلٌّ لنفسه"، في هذا السيناريو الكابوسي، يصبح العالم أشبه بـ"غابة إلكترونية" تُدار بالسيوف الرقمية والتهديدات النووية، حيث تُحاك المؤامرات في الظل، وتُدفن الحقوق تحت أطنان من المصالح، وكما يقول: الفيلسوف البريطاني "توماس هوبز" "حياة الإنسان تصير منعزلة، فقيرة، مقرفة، وحشية، وقصيرة"،  فهل نحن على أعتاب عصرٍ جديدٍ من الظلامية؟، أم أن الإنسانية ستجد في رحم الكارثة بذرةً لنهضةٍ أخلاقية؟، الوقت وحده كفيل. 

وفي ختامي مقالي : إننا الآن أمام مشهدٍ يُجسِّد إنهيار الضمير الإنساني، تتحول أمريكا من "حامية النظام العالمي" إلى "جلاد يدفن العدالة تحت أنقاض المصالح"، بينما تُغرق الفوضى الكوكب، وتُحَوِّلُ غزة إلى رمزٍ للعجز الدولي، يتراجع دور الأمم المتحدة إلى هيكلٍ فارغٍ من المبادئ، تُحركه الفيتوات والتهديدات، والسؤال الذي يُطل برأسه كشبحٍ يُطارد البشرية: هل سنسمح لهذا الإنهيار أن يبتلع مستقبل الأجيال؟، أم أن صرخات الضحايا ستُوقظ أخيراً ما تبقى من إنسانية في عالمٍ يغرق في صمتٍ قاتل؟، الجواب لا يزال يُكتب بدماء الأطفال في غزة، وبدمعةٍ تجمدت على خدِّ العدالة الدولية المقتولة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -